الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة الرصاص على طول الشاطئ... بقلم أياكان

نشر في  25 جوان 2016  (12:09)

في العام الفارط مات أربعون سائحا على الشاطئ برصاص أطلقه رجل متشدد دينيا. الإرهابي لم يتخف ولم يهرب، مشى على طول الشاطئ حاملا بندقية من نوع كلاشنيكوف، وأطلق النار على السياح المستلقين على رمال الشاطئ.

بعدها دخل إلى النزل وواصل إطلاق النار على المتواجدين هناك، إلى أن أفرغ كل الرصاص الذي معه. قتل أربعين وردة بلا ذنب ومشى ببرود في الشارع المحاذي للنزل. في كل مكان كانت تُسمع الصرخات والولولة. أطلق عليه شرطي النار وقتله.

منذ تلك الحادثة، يوجد على طول الشاطئ رجال الشرطة بلباسهم الأسود، يحملون بنادق من نوع شتاير على أكتافهم، يتفحصون في وجوه المصطافين. على طول الشاطئ توجد أماكن مخصصة للمصطافين القاطنين في النزل، سيكون عليك أن تمشي طويلا على الشاطئ لتجد مكانا صغيرا مزدحما بالتونسيين، في هذا المكان الصغير من الشاطئ الكبير يُسمح لك بالسباحة والاستلقاء على الرمل.
 
عندما تمشي على طول الشاطئ، لاتنظر طويلا إلى يمينك، أنظر إلى جهة الماء، فقد تثير نظرتك إرتياب حراس النزل. لاتحمل معك حقيبة، منديلك يمكنك وضعه على كتفك، ضع هاتفك واغراضك في جيوبك، من الأفضل أن تكون معك جريدة عوض كتاب ادوارد سعيد: الثقافة والمقاومة. إن حقيبة مغلقة دائما مثيرة للريبة.
 
إذا أوقفك رجال الشرطة إبق هادئا، سيفتشون في حقيبتك، سيقرؤون الكتاب الذي تحمله وسيسألونك السؤال االإعتيادي: ماذا تفعل هنا؟ مالذي أتى بك من سيدي بوزيد؟ إنها أسئلة عادية، فكر بهذا، لاتوجد أية إهانة في السؤال، كانوا سيطرحون نفس السؤال لو كنت من أي مدينة أخرى ليس بها بحر.

إبق هادئا، إبتسم وقل لهم إنك لن تبقى هنا طويلا، إنك ستعود إلى قريتك غدا. لم يتغير شيء منذ خروج المستعمر، في السبعينات كانوا يضعون القرويين الباحثين عن الشغل في الحافلات قسرا، ليعيدوهم من حيث أتوا، كم من مرة قص عليك والدك هذه الحادثة. كم من مرة أخبرك أنهم كانوا يطلقون عليهم إسم: النزوح.
 
إنسى كل هذا الآن، ربما هذا الذي يفتش في نواياك، لا يعرف أن أباه كان في نفس الحافلة حين تسمع الرد في الجهاز الذي بين يدي البوليس: لاشيء، تسحب نفسا عميقا، أنت بريء الآن، سيعيدون إليك بطاقة الهوية المسماة: بطاقة التعريف الوطنية.
 
إنها إحتياطات عادية، ولا أحد فوق القانون، نعم فكر في هذا القانون، الشرطي تصرف كما في القانون. إبتسم ودعك من التساؤلات غير المجدية، ماذا سيفيدك السؤال: لماذا من بين كل المارة أوقفوك؟ لماذا من بين مئات المصطافين مشتبه فيك؟ أنصت للأمواج اليوم، أغمض عينيك إذا كنت لا تريد رؤية الرصاص على طول الشاطئ.

أياكان